ليس من المؤكد أن بوتفليقة على علم بذهاب توفيق

ليس من المؤكد أن بوتفليقة على علم بذهاب توفيق

عدي الهواري, 09.01.2016


*كتبتم تقولون في موقع  » شرق الواحد والعشرين  » أن الهيكلة الجديدة  » للدياراس « قضية داخلية خاصة بالجيش وهي من صنع قيادة الأركان . كيف ذلك علما أن الكثيرين لا يشاطرونكم الرأي ؟

ـ أولا كنت أتمنى لو نشر مقالي في جريدة وطنية لكي يقرأه كل أفراد الشعب الجزائري .ثانيا وردا على سؤالكم أجيب أن مقالي المذكور في سؤالكم يقدم عناصر تحليل عن العلاقات بين هيئة أركان الجيش والدياراس والرئاسة ، وتجلت هذه الحقيقة عقب العنف السياسي الذي نتج عن إلغاء الإنتخابات تي فازت بها جبهة الإنقاذ عام 1992 و يومها أعطت هيئة أركان الجيش السلطة الكاملة للدياراس للقضاء على الإسلاميين ووضع نهاية للإرهاب. طيلة التسعينيات طغى الدياراس سياسيا وبلغت سلطة الدياراس درجة متقدمة أدت إلى ثلاثة انحرافات اساءت إلى مصداقية النظام وهي بروز الدياراس وطغيانه وانفراده بالواجهة الأمر الذي اقلق الجيش من منطلق قاعدة عدم تدخله في السياسة ولأنه أصبح قويا سياسيا في غياب العدالة استغل الكثير من ضباطه نفوذه غير المحدود وجمعوا ثروات من خلال الرشوة كما أن المناورة بالإسلاميين بلغت حدا بعيدا دفعت بقوى غربية إلى المطالبة بضبط الامور على مستوى جهاز المخابرات .

*غريب لم تتحدثون في ردكم عن صيغة صراع العصب وتأثير عامل الجهوية علما ان الكثير من المحللين يتحدثون عن صراع عصبة تلمسان وعصبة القبائل . ما تعليقكم ؟

ـ هذا الكلام يندرج ضمن الدعاية للتغطية على الرهانات والصراعات الحقيقية والجزائر لا تحكمها الجهوية لسببين يتمثلان في انسجام النسيج الإجتماعي وسكان المدينة في بجاية يعيشون مثل سكان المدينة في تلمسان والشيئ نفسه ينطبق على سكان الأرياف في الجهتين المذكورتين ثم إن الكفاح ضد المستعمر ترك ثقافة سياسية تمثلت في الإيمان الجمعي بالوحدة الوطنية ، وهذا لا يعني أن ضابطا ساميا لا يساعد قريبا له للحصول على قطعة أرض او شقة ، ولأن الحكم ليس ديمقراطيا في البلد من الطبيعي أن يستعمل المواطنون الجهوية للظفر بامتيازات لصالحهم الخاص وليس لصالح المنطقة .

*فهماأفهمأ

أفهم انطلاقا من إجابتكم الأولى أن هيئة اركان الجيش هي التي استعادت دورها التاريخي والقول ان بوتفليقة هو الذي وضع حدا لنفوذ توفيق بإحالته على التقاعد عنوة أقرب إلى النكتة منه إلى الجدية ….

ـ ليس بوتفليقة الذي احال توفيق مدين على التقاعد ولا هم يحزنون وليس من المؤكد أنه على علم بذهابه أو تنحيته وتدهور صحته لا يسمح باتخاذ قرار هام أو غير هام وهو لا يتكلم ولا يسمع ولا يعرف اي يوم نحن فيه ، ولهذا السبب رفض اصحاب القرار أن يستقبل جماعة 19 ولهذا السبب يتضح الدليل ان الحكم يشتغل دون رئيس وأن الدولة الجزائرية يسيرها موظفون يعينهم الجيش .

*أفهم ايضا أنه ليس وراء اضعاف الدياراس وبالتالي الجيش كما يروج اصحاب مقولة انتصار بوتفليقة المؤمنين بدهائه وحنكته بغرض فرض عصبة تلمسان …..

ـ هذا كلام دعائي ايضا لإخفاء الحقيقة والدياراس ليس هو الجيش وهو مصلحة عسكرية كما هو حال التموين والإتصالات ثم لو عرف الرأي العام لماذا تم توقيف الجنرال حسان سوف لن يفهم الحكم الرحيم الذي اتخذ في حقه و هذا الحكم يمثل جزءا من التوافق حتى لا تصعد الأمور إلى مستويات قضايا أخرى. توفيق يتقاعد وسيحظى الجنرال حسان بعفو بعد ستة أشهر وستغلق الملفات الأخرى ولأن الجزائر ليست بلدا ديمقراطيا وليست بلد قانون نجد أن الرقابة هي سيدة الموقف . في الجزائر تمنع ممارسة السياسة ويحظر التدخل في شؤون الدولة الأمر الذي يفسر جهل الرأي العام بالأسباب التي ادت إلى توقيف الجنرالات حسان وبلحديد ومجدوب .

*ما هي قراءتكم للرسالة التي خرج بها توفيق ؟

ـ لقد حاول الدفاع عن نفسه و عن الجنرال حسان الذي كان تحت سلطته وشخصيا اندهشت لعدم دفاعه عن حصيلة الدياراس واقتصر دفاعه على مرؤوسه الذي يقال أنه صهره وبهذا الشكل يعد الأمر مثير للشفقة فعلا . في تقديري الشخصي سيكون التاريخ قاسيا مع توفيق الذي يتحمل مسؤولية أزمة دفع ثمنها 200 الف جزائري وعليه بالكتابة في مذكراته عن الحقيقة حتى لا تكرر الاجيال القادمة من الضباط نفس الأخطاء التراجيدية .

*وبماذا تردون على الجزائريين ومن بينهم الكثير من المثقفين الذين يؤمنون أن توفيق أنقذ الجزائر من خلال الدياراس (على فكرة لم أكن يوما ما منهم )والكثير من المراقبين يعتقدون أن أفراد هيئة اركان الجيش وبوتفليقة تنكروا للدياراس الذي جنب البلد من الخطر الإسلامي ؟

ـهذا صحيح وكل المقالات الصحفية التي كتبتها مدنيون وظفهم الدياراس صبت في هذا الإتجاه و الواقع هو غير كذلك لأن الدياراس مصلحة تابعة للدولة ومهمتها حماية البلد والجزائريين وحصيلة 200 الف جزائري ميت تعني أنه فشل . مع ضباط أكفاء كان يمكن القضاء على الأزمة في عام أو عامين وبحصيلة ضحايا لا تتجاوز 2000 أو 3000 وهذا الرقم في حد ذاته ثقيل وقاصدي مرباح أحد المائتي الف جزائري الذين سقطوا والدياراس هو الذي اجهض قمة سانت انجديو . من جهة أخرى الإرهابيان درودكال وبلمختار مازالا يقتلان منذ خمسة عشر عاما فمن المسؤول وما هي محصلة التحليل ؟ الجواب هو إما الدياراس يعد غير كفء وإما متواطئا مع الإرهابيين .إذا عرفنا أن معدل أمل الحياة عند جندي جيش التحرير الوطني في شمال البلاد لم يكن يتجاوز العامين رغم دعم 99 في المائة من الشعب كيف يمكن تفسير عدم القضاء على درودكال وبلمختار منذ 15 عاما ؟على الذين يقولون أن الدياراس أنقذ الجزائر عليهم طرح السؤال على عائلات المئتي ألف جزائري التي كان من بينها الالاف من رجال أمن الدرك والجنود وإذا كنا لم نعد نحترم الموتى فلنحترم الأحياء على الأقل .

*تتحدثون كثيرا عن منطق الحكم في الجزائر ما هو باختصار في النهاية ؟

ـ يخضع النظام الجزائري لمنطقه الخاص الذي يعد نتاج تاريخ البلد . جيش التحرير الوطني هو الذي خلق الدولة الوطنية وجيش التحرير الشعبي هو الذي أراد ان تكون هذه الدولة في خدمة الشعب لكن منع السياسة حتى لا تستطيع الطبقات البرجوازية من قيادة البلد لفائدة رأس المال وعين مدنيين لمناصب سياسية والرئيس والوزراء وقام بفرز واختيار المرشحين للانتخابات التشريعية والبلدية وراقب الموظفين في مختلف الوزرات . الجيش لم يقم بهذه المهام مباشرة وأوكل المهمة للشرطة السياسية ممثلة في الدياراس وبذلك يكون الجيش قد لعب دور ولاية الفقيه في إيران باعتباره المرشد الأعلى والفرق بين البلدين يتمثل في وجود شخص واحد في الحالة الإيرانية وعدة جنرالات في الحالة الجزائرية .

*كلمة أخيرة في شكل نصيحة يمليها عليكم تخصصكم ووطنيتكم في الوقت نفسه …

ـ يعد الجيش العمود الفقري للدولة الجزائرية لاسباب تاريخية كما اسلفت الذكر ، ولأن المجتمع يتغير يجب أن لا يمنع السياسة وإذا منعت السياسة على المجتمع فإن الجيش هو الذي يقوم بالسياسة حتما وهذا خطر في حد ذاته .على القيادة العسكرية التحلي بروح ومعنى الأفاق التاريخية بالتفكير في انسحاب تدريجي من الدولة لترك مختلف التيارات الإيديولوجية التعارك حول قيادة الدولة عن طريق الإنتخابات وعليها باستلهام التجربة التركية .